الذكاء الاصطناعي والتحكم الناعم
الذكاء الاصطناعي والتحكم الناعم…..
(كيف تُمارس الخوارزميات السلطة بلا ضجيج؟)
في العصر الرقمي، لم يعد الاستبداد يُمارس عبر السجون أو القمع المباشر، بل عبر التوجيه الصامت والاختيارات المصمّمة مسبقًا.
وهنا يظهر ما يُعرف بـ “التحكم الناعم”…
تحكم لا يفرض عليك شيئًا بالقوة،
بل يجعل ما تريده… هو ما تم اختياره لك من قبل.
ما علاقة الذكاء الاصطناعي بالخوارزميات؟
الذكاء الاصطناعي لا يعمل من فراغ
إنه قائم على خوارزميات، والخوارزمية هي عقلٌ رقمي يُبرمج مسبقًا بهدف معيّن:
توجيه السلوك
توقّع القرارات
خلق بيئة فكرية مغلقة تُشبهك… وتُحاصرك
كيف يمارَس التحكم عبر الخوارزميات؟
1. تصميم مسارات تفكيرك:
لا تُجبر على رأي، بل تُعرّض فقط لمحتوى يعززه… وتُحجب عن محتوى يعارضه.
النتيجة؟ تتحول من مفكّر إلى مستهلك لقالب فكري جاهز.
2. خلق بيئة “الرضا الزائف”:
تعتقد أنك ترى كل شيء، بينما الحقيقة أن الذكاء الاصطناعي المبرمج مسبقا لا يُريك إلا ما “يُناسب أهدافه”.
3. حلل بعقلك ووعيك باستمرار
كل نقرة، تفاعل، تأجيل، تعبير وجه… تُغذّي الخوارزمية لتصبح أذكى في السيطرة على وعيك.
4. هندسة الرأي العام:
عبر تضخيم بعض المواضيع وتهميش أخرى، تصنع الخوارزميات اتجاهات فكرية وهمية لكنها فعّالة.
متى يصبح الذكاء الاصطناعي خطيرًا؟
ليس عندما يتفوّق على الإنسان، بل عندما:
يُستخدم لخدمة سلطة غير مرئية.
يُبرمج لفرض صورة واحدة فقط
يُحوّل الإنسان من مُحلل إلى مُوجَّه دون إدراك.
التحكم او الاستبداد الناعم اليوم… لا يحتاج ديكتاتورًا، بل فقط مهندس خوارزميات
من يملك الخوارزمية، يملك السلوك.
ومن يملك البيانات، يملك القرار.
ومن لا يملك وعيه، يُعاد تشكيله كل يوم بصمت.
رسالة هذا القسم:
احذر من أن تكون مجرد جماد بل “تفاعل”…ويخلق الفرص
كن واعيًا ، راقب ، أعد تكوين الاحداث وأعدت برمجتها لصالحك ولا تقف متفرج، في زمن الفرص الذهبية الذكية .
خطورة الذكاء الاصطناعي ليست في قدرته…
بل في من يملك هذه القدرة
ومن يقرر ما هو الصواب، وما هو قيد التهميش الخفي دون أن تُدرك.
الدكتور رعدالزبن
27/2025