العلاقة بين ادارة الجودة الشاملة والتخطيط الاستراتيجي

العلاقة بين إدارة الجودة الشاملة والتخطيط الاستراتيجي 

محاور البحث

إدارة الجودة الشاملة

مفهوم الجودة الشاملة

نشأة الجودة الشاملة

أهمية تطبيق إدارة الجودة الشاملة

مبادئ إدارة الجودة الشاملة

متطلبات تطبيق إدارة الجودة الشاملة

معوقات تطبيق إدارة الجودة الشاملة

خطوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة

التخطيط الاستراتيجي

مفهوم التخطيط الاستراتيجي

مزايا التخطيط الاستراتيجي

أهداف التخطيط الاستراتيجي

عناصر التخطيط الاستراتيجي

مبررات التخطيط الاستراتيجي

مراحل التخطيط الاستراتيجي

مهارات التخطيط الاستراتيجي

العقبات التي تواجه التخطيط الاستراتيجي

تكامل التخطيط الاستراتيجي مع إدارة الجودة الشاملة

الخلاصة

النتائج

التوصيات

المقدمة:

  يعد التخطيط الاستراتيجي حجر الأساس في حياة منظمات الأعمال، إذ تقوم المنظمات بتحليل الأوضاع السائدة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، وتدرس الاحتياجات المتغيرة وأثارها على أعمال المنظمة وما يعنيه كل ذلك من فرص أو تهديدات، كما تقوم المنظمة بتشخيص قدراتها وإمكاناتها الداخلية، لتتعرف على مواقع القوة والضعف لديها، وبعد ذلك تقوم بوضع الاستراتيجيات الملائمة للتكيف مع المعطيات، كاستغلال الفرص المتاحة والتغلب على التهديدات والعقبات للحفاظ على استمرارية بقائها للوصول بها إلى المركز الريادي في جميع مجالات نشاطاتها، وقد ازدادت أهمية التخطيط الاستراتيجي في العقود الأخيرة نتيجة للمتغيرات المتلاحقة والمنافسة في البيئة الخارجية، وعليه فقد أصبحت المنظمات معنية أكثر من أي وقت مضى بالتعرف على كل ما يجري خارج حدودها بما في ذلك المتغيرات والمعطيات الاقتصادية الدولية. وتلتقي أهداف التخطيط الاستراتيجي مع الكثير من أهداف إدارة الجودة الشاملة مما يدل على وجود علاقة تبادلية بينهما.

المبحث الأول

إدارة الجودة الشاملة

يحظى موضوع إدارة الجودة الشاملة اهتماماً واسعاً من قبل منظمات الأعمال على اختلاف أنواعها وأحجامها، وذلك لان فلسفة إدارة الجودة الشاملة تركز على الزبون وكيفية تلبية احتياجاته ورغباته المتنامية، فضلاً عن أنها تركز على ضرورة تكامل الأنشطة والوظائف داخل المنظمة، والتشارك بين المستويات الإدارية جميعها، وذلك لإتقان العمل من البداية وحتى النهاية بأقل الأخطاء والتكاليف الممكنة، كما تركز إدارة الجودة الشاملة على التحسين المستمر في كل جوانب المنظمة والتأكيد على توعية كافة العاملين في المنظمة كأساس للتفوق.

وقد زاد الاهتمام بإدارة الجودة الشاملة في مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي بعد أن حققت منظمات عدة مكاسب عديدة وسمعة جيدة نتيجة لتطبيقها لمبادئ إدارة الجودة الشاملة (Robbins & Coulter, 2005).

أولاً: مفهوم إدارة الجودة الشاملة

يعد مفهوم إدارة الجودة الشاملة من المفاهيم الإدارية الحديثة بدأت بتطبيقها العديد من المنظمات العالمية لتحسين وتطوير نوعية خدماتها وإنتاجها والمساعدة في مواجهة التحديات الشديدة وبحسب رضا الجمهور، فقد أصبح مفهوم إدارة الجودة في الوقت الحالي أسلوباً إدارياً مهماً في مجال الإدارات والمنظمات الحديثة من خلال ما حققه هذا النمط الجديد من نجاحات في الإدارة. وقد زاد الاهتمام في العقود الأخيرة باستخدام مفهوم إدارة الجودة الشاملة، حيث أعطت إدارة الجودة الشاملة أولوية لإشباع حاجات المستهلكين الحاليين والمرتقبين وتقديم السلع والخدمات بالجودة العالية، مع الأخذ بعين الاعتبار تقليص التكاليف الكلية في الأداء التشغيلي إلى الحدود الملائمة لتحقيق الميزة التنافسية والسيطرة على الأسواق العالمية (حمود، 2002، ص25).

على الرغم من وجود محاولات عديدة لتعريف إدارة الجودة الشاملة و توضيح مبادئها الرئيسية، إلا أنه لا يوجد تعريف موحد من الناحية النظرية لحد الآن، فمثلاً كانت أول محاولة لوضع تعريف لمفهوم إدارة الجودة الشاملة من قبل BQA (منظمة الجودة البريطانية) حيث عرفت ادارة الجودة الشاملة على أنها “الفلسفة الإدارية للمؤسسة التي تدرك من خلالها تحقيق كل من احتياجات المستهلك وكذلك تحقيق أهداف المشروع معاً”. بينما عرفها العالم جون أوكلاند ” على أنها الوسيلة التي تدار بها المنظمة لتطور فاعليتها ومرونتها ووضعها التنافسي على نطاق العمل ككل “. أما من وجهة نظر أمريكية فإن تعريف ادارة الجودة الشاملة يكون على الشكل التالي (إدارة الجودة الشاملة هي فلسفة وخطوط عريضة ومبادئ تدل وترشد المنظمة لتحقق تطور مستمر وهي أساليب كمية بالإضافة إلى الموارد البشرية التي تحسن استخدام الموارد المتاحة وكذلك الخدمات بحيث أن كافة العمليات داخل المنظمة تسعى لأن تحقق إشباع حاجات المستهلكين الحاليين والمرتقبين) (خضير،2000).

كما عرفت إدارة الجودة الشاملة بأنها ” التطوير والمحافظة على إمكانيات  المنظمة  من اجل تحسين الجودة  وبشكل مستمر، والإيفاء بمتطلبات المستفيد وتجاوزها ( اللوزي،2003،ص157).

كما أن هناك من يرى أن إدارة الجودة الشاملة هي فلسفة إدارية يتم ممارستها في مختلف المنظمات في دنيا الأعمال وتشير فلسفة إدارة الجودة إلى دورة التحسين المستمر الذي يهدف إلى معرفة متطلبات الزبون، وتلبية هذه المتطلبات وقياس أداء بهدف الوصول إلى الجودة من خلال التحسين الإضافي.( Sila and Ebrahim, 2005, P1124)

من التعريفات السابقة يمكن القول بأن إدارة الجودة الشاملة عبارة عن (نظام يتضمن مجموعة الفلسفات الفكرية المتكاملة والأدوات الإحصائية والعمليات الإدارية المستخدمة لتحقيق الأهداف ورفع مستوى رضا العميل والموظف على حد سواء).

ثانياً: نشأة إدارة الجودة الشاملة

يمكن القول بأن الاهتمام بالجودة كان موجوداً في الفكر الإداري منذ بدايات ظهوره وبلورة نظرياته، غير أنه لم يجد الاهتمام والعناية إلا لدى اليابانيين الذين خرجوا من الحرب العالمية الثانية مهزومين ومتدنين من حيث جودة منتجاتهم، ليبدأ اليابانيون بعد ذلك بالاستماع إلى محاضرات عدد من العلماء الأمريكيين في مقدمتهم ادوارد ديمنج وجوزيف جوران وغيرهم، والذين فشلوا في إقناع الشركات والمؤسسات الأمريكية بأفكارهم عن الجودة، وعندما اقتنع اليابانيون بهذه الأفكار وطبقوها أصبحت اليابان حديث العالم بأسره عن مدى تطورها وتقدمها وجودة منتجاتها ولهذا بدأ الكثير من الباحثين والمنظرين بالبحث والتنقيب عن سر التفوق الياباني في الإنتاج والصناعة حتى أصبحت تنافس وبقوة الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ليظهر بعد ذلك للعالم أن الجواب يكمن في تطبيقهم لدوائر الجودة وفرق الجودة ثم إدارة الجودة، وقد مرت إدارة الجودة الشاملة بثلاث مراحل كما يذكر (الحربي , 1422 , 24) :

المرحلة الأولى من عام 1950م إلى بداية 1960م :

في بداية الخمسينات أبرز المفكر الأمريكي  فيجنبوم (Feigenbaom) مفهوم الرقابة الشاملة على الجودة، يعني إنتاج السلع أو الخدمات بطريقة اقتصادية ومطابقة لحاجات ورغبات المستفيد من خلال تطوير وصيانة الجودة، وقد أكد فيجنبوم أن الجودة مسؤولية جميع الأفراد العاملين بالمنظمة.

المرحلة الثانية من عام 1960م إلى بداية 1980م :

شهدت الستينيات ظهور فلسفات عديدة للجودة وإدارتها، كان من أبرزها فلسفة الرواد الأوائل للجودة وهم ( إدوارد ديمنج (Edward Deming)) و (فيليب كروسبي (Philip Crosby)) في بداية السبعينيات، ثم ظهرت آراء ( جوران Juran)، هؤلاء الأمريكيون الثلاثة كان لهم دور كبير في تحسين وتطوير نظريات ومبادئ الجودة .

المرحلة الثالثة من عام 1980م إلى الآن :

حدثت في الثمانينيات وبداية التسعينيات تطورات كبيرة في مفهوم الجودة وإدارتها، حيث ظهر أسلوب حلقات الجودة وفرق الجودة والذي طبقه اليابانيون بفاعليه كبيرة لينتقل مفهوم الجودة بعد ذلك ليصبح وظيفة أساسية للإدارة بدءاً من الإدارة العليا والإدارة الوسطى، والإدارة لإشرافية، وانتهاء بالعاملين كما يغطي كل المجالات الوظيفية بالمنظمة لتعرف الإدارة بعد ذلك بإدارة الجودة الشاملة  (Total quality Management  )

ثالثاً: أهمية تطبيق إدارة الجودة الشاملة

تكمن أهمية تطبيق إدارة الجودة الشاملة بما  يلي : ( عبد العزيز ، 1997 ، ص 47)

  • يساعد المنشأة في التعرف على جوانب الهدر في الوقت والطاقات الذهنية والمادية ومن ثم التخلص منها، وفي الوقت نفسه، يعد نظام إدارة الجودة نظاماً تحفيزياً، حيث يمنح الصلاحيات للعاملين ويحثهم على النجاح، كما يساعد الموظفين في تحديد مفهوم الجودة ووضع الإجراءات الهادفة إلى تلبية احتياجات العميل وإشباع رغباته مع التحسين المنتظم لهذه الإجراءات، إن الاهتمام بالجودة يعتبر المحور الأساس الذي من خلاله تتعرف المنشأة على مستوى أدائها مقارنة بأداء المنشآت الأخرى، كما تساعد المنشأة في التعرف على مدى تحقيق النجاح بشكل مطرد ومستمر. إن أهمية إدارة الجودة تكمن في تحقيق الهدف العام من وجودها، حيث تسعى إلى إقامة ودعم وتوثيق والحفاظ على استمرار دليل عملي يثبت وجود عدد من البرامج المستمرة تشتمل على آليات فعالة لاكتشاف المشكلات ومحاولة إيجاد حلول لها. وبشكل عام، توفر إدارة الجودة فوائد ملموسة وغير ملموسة لكل من مقدمي الخدمة والمستفيدين على حد سواء .
  • مستويات إنتاجية أحسن

إن الهدف من إدارة الجودة هو تحسين جودة الخدمات الأخرى، وكذلك الاستخدام السليم للموارد المالية، وتشجيع الإدارة على تقويم جودة الإنتاجية وكميتها بدلاً من التركيز على كمية الإنتاج حتى تصل إلى المستوى الأمثل، وتعمل إدارة الجودة على زيادة الإنتاج والثقة والالتزام من قبل جميع المستويات في المنشأة. إن المنشأة التي تطبق نظام الجودة الشاملة تسعى إلى تقليل الأخطاء وانخفاض تكرار العمل وتقليل الوقت والجهد الضائع وتقليص تكلفة المخزون.

  • الرضا المتزايد للعميل

من الأهداف الأساسية لإدارة الجودة تقديم خدمة أفضل للعميل تتناسب مع متطلباته وتوقعاته، لذلك فإن نتيجة عمليات تحسين الجودة تكون في النهاية رضا العميل، وتحوز المنشآت على رضا العملاء من خلال الجهود المتماسكة التي يبذلها كل فرد لكسب رضاهم، إن العملاء الذين يجدون الخدمة والمنتجات بمستوى جودة عالية سوف يكررون شراء الخدمة أو المنتج، وكذلك يحسنون سمعة المنشأة إدارياً في البيئة المحيطة بهم، مما يسهم في زيادة فعالية تسويق منتجات المنشأة.

  • تحسين معنويات العاملين

هناك جانب أساسي في إدارة الجودة الشاملة يتمثل في مشاركة الموظف في صنع القرار المتعلق بالعمل، حيث يتم تشجيع الموظفين على المشاركة في المعلومات واقتراح الحلول المناسبة للمشكلات، مما يساعد على تحسين إنتاجية العامل، حيث يكون لديه شعور كبير في تحسين مركز المنشأة. إضافة إلى أن معظمهم يرى أن إدارة الجودة توفر لهم فرصاً فعلية لإجراء التحسينات على مختلف مجالات أعمالهم. إن تشجيع العاملين على المشاركة الفعالة في تحديد مشكلات العمل والتغلب عليها يؤدي إلى زيادة رضاهم ويرفع معنوياتهم، كما يعمل على زيادة الإنتاجية. ( عبد العزيز،1997، ص48).

  • تحسين في الربحية والقدرة على المنافسة:

 فالتحسين الذي يتحقق في الجودة يمكَّن من البيع بأسعار أعلى دون إغضاب العميل، ويقلل من تكاليف التسويق ويزيد من كمية المبيعات، ومن ثم تزداد الربحية والقدرة على التنافس. إن شعار الإدارة الشاملة للجودة “افعل الشيء الصحيح بطريقة صحيحة من أول مرة” والذي ينبغي أن يطبق في جميع أنشطة ومجالات عمل المنظمة، يؤدي بالقطع إلى تخفيض التكاليف وزيادة الكفاءة والفعالية. ( شبراوي ، 1995 ،ص 7)

 

رابعاً: مبادئ إدارة الجودة الشاملة

هناك اتفاق عام حول أهم المبادئ التي يجب الاخذ بها عند محاولة تطبيق إدارة الجودة الشاملة بنجاح وهي:

  1. التزام ودعم الإدارة العليا: تعد الإدارة العليا أحد أهم العناصر الرئيسية في إدارة الجودة الشاملة، ففي كل بلد تم تطبيق إدارة الجودة الشاملة أمثلة من التنفيذيين الذين أنشئوا التغيير الثقافي وحملوا منظماتهم في رحلة الجودة. وخلافاً للتنفيذيين في منظمات الأعمال فإن رؤساء ومستشاري مؤسسات التعليم العالي لا يتمتعوا بالسلطة النهائية في توظيف وفصل الأشخاص وتخصيص الموارد. ( Mete, 2004, p 382) وهناك اتفاق عام على أهمية دعم الإدارة العليا والتزامها في إنجاح إدارة الجودة الشاملة، ولا شك أن التزام ودعم الإدارة العليا بتطبيق إدارة الجودة الشاملة يجب أن يكون ناتجاً عن إيمانها وقناعتها بما يمكن أن تجنيه المنظمة من فوائد عديدة جراء تطبيقها لإدارة الجودة الشاملة، ويعد تطبيق إدارة الجودة الشاملة قرار استراتيجي بيد الإدارة العليا، ويمس حاضر ومستقبل المنظمة، كما ويظهر التزام ودعم الإدارة العليا في تطبيق إدارة الجودة الشاملة في توفير المواد اللازمة لتدريب العاملين على أدوار وأساليب إدارة الجودة الشاملة، وإقامة ورش العمل، والندوات التي يمكن أن تزيد من وعي العاملين بمنهجها (Besterfield,et al., 2005).

وينتج عن تطبيق إدارة الجودة الشاملة تغيرات في الأساليب التي تعمل الإدارة بمقتضاها، ولهذه التغيرات اثار عدة في مجالات لسياسة الإدارية وفلسفتها ونظمها وإجراءاتها، ولن يكتب لهذه التغيرات النجاح إلا إذا حظيت عملية إدارة الجودة الشاملة بدعم لها من الإدارة العليا، فالإدارة العليا هي الأقدر على تنشيط عملية إدارة الجودة الشاملة لأنها تملك سلطة اتخاذ قرارات إستراتيجية وهامة ( زاهر، 2005، ص109).

    1. التخطيط الاستراتيجي للجودة الشاملة: تكمن أهمية التخطيط الاستراتيجي في تحليل الأهداف وتحليل عناصر القوى والضعف والتهديدات والفرص وربط جميع العمليات الإدارية بالمنظمة، وفق خطة زمنية قابلة للتنفيذ، وبدون تخطيط لا يمكن معرفة الأهداف وكيفية تحقيقها (الشمري،2004 م ،ص 79). ويعد التخطيط الإستراتيجي أمراً حتمياً لإنتاج مخرجات ذات جودة أي إحداث التغيير المخطط في ثقافة المنظمة وعقلها الاستراتيجي، خاصة وأن نتائج إدارة الجودة الشاملة لا يمكن أن تلمس في الأمد المنظور وتتطلب تخطيطاً استراتيجياً برؤى واضحة ( Heizer & Render, 2001:171)وهذا ما سنتطرق إليه في المبحث الثاني بالتفصيل.
    2. التركيز على الزبون: يقصد بهم هنا الزبائن الداخليين سواء على مستوى الإدارات أو الأقسام أو الأفراد أما المستفيدين الخارجيين للمؤسسة والتي يكرس كافة العاملين وقتهم وجهدهم من أجل تحفيزهم لقبول ما يقدم لهم، وهذا يتطلب التعرف على حاجاتهم وتوقعاتهم، والسعي لتحقيقها من خلال إعداد إستراتيجية تحسين الجودة ( الحمياني،2005، ص 23). ويعد التركيز على الزبون ورضاه أولى أولويات منهج إدارة الجودة الشاملة، وقد يعتبر البعض أن الزبون هو من أهم الأصول لأية منظمه، وقد أكدت المواصفات الدولية للجودة أن رضا الزبون هو أحد الأهداف الرئيسة لنظام إدارة الجودة، ويرتبط رضا الزبون الدائم بالضرورة بنجاح وتميز المنظمة، وهذا الرضا الدائم يمكن أن يستمر لفترة طويلة من الزمن ما دامت المنظمة تفي بمتطلبات وتوقعات الزبون على أكمل وجه. وتعتبر برامج إدارة الجودة الشاملة الأكثر نجاحا فهي التي تبدأ بتحديد الجودة من منظور الزبون (Besterfield et al., 2005). ويمثل تطبيق هذا المبدأ الهدف الاستراتيجي للفلسفة، إذ يجب أن تتسع النظرة لتشمل الزبون الداخلي والخارجي( Heizer & Render, 2001:171) ويعتبر التركيز على الزبون من أهم مبادئ إدارة الجودة الشاملة، حيث تركز إدارة الجودة الشاملة على تحقيق رضا المستفيد باعتباره أساس الجودة، ولابد أولاً من تحديد من هو المستفيد حتى يتم التركيز عليه، وما هي متطلباته وتوقعاته حتى يتم تقديم الخدمة التي تلبي هذه التوقعات والاحتياجات، والزبون أكثر الأشخاص أهمية في أي منظمة، كذلك فهو غير معتمد على المنظمة بل هي معتمدة عليه (الطائي،2003 ، ص 48).
    1. التدريب: يعد التدريب في مجال الجودة الشاملة مرحلة أولية تجاه تحقيق النجاح في إدارة الجودة الشاملة، حيث ” تعتبر إدارة القوى البشرية في المنظمة ذات أولوية كبيرة في تنشيط وتفعيل إدارة الجودة الشاملة، إذ أن توفر المهارات والكفاءات البشرية وتدريبها وتطويرها وتحفيزها من أهم الركائز التي تحقق للمنظمة تحقيق أهدافها كما أن تحقيق النجاح الهادف يستدعي تكريس الاهتمام والعناية اللازمة بالأفراد” (حمود، 2005م،ص 99) ولابد أن يتم التدريب وفق منهج يتماشى مع مبادئ وسياسة الجودة الشاملة، فمن ” الضروري التركيز على التدريب المرتبط ببرامج إدارة الجودة الشاملة، لتنمية السلوكيات والمهارات التي تدعم توجهات الخطة وتساعد على تحقيق أهدافها” ( عليمات،2004 م ،ص 127)، لا يمكن لإدارة الجودة الشاملة داخل المؤسسة إحراز أي نجاح أو تقدم بالاعتماد فقط على أعضاء الإدارة دون مشاركة بقية العاملين في المؤسسة، وهذه المشاركة ينبغي أن تبنى على النظرة الإيجابية للإنسان وهي : أن جميع الأفراد لا ينفرون من العمل، ويمكنهم تحمل المسؤولية، كما أن جميع الأفراد لديهم طاقات وقدرات يمكن الاستفادة منها؛ بتوفير البيئة المناسبة للعمل الإيجابي، وينبغي أن تكون هذه المشاركة تطوعية غير قسرية. ” ومن أجل إشراك جميع العاملين يمكن للإدارة أن تستخدم إستراتيجيتين: إدخال الثقة بين العاملين بشأن الجودة، وتحديد أدوار واضحة بالنسبة لجهود تحسين الجودة” ( زاهر ،2005 ، ص 111).
    2. التحسين المستمر: يعتبر التحسين المستمر هدف جميع أنظمة الجودة، وهو ضمان بأن العاملين يملكون المهارات والتدريب المطلوب لعمل التحسينات وضمان وجود مدخل منظمي واسع لتحسين الأداء، كما يعتبر التحسين المستمر عملية شاملة تتضمن كافة أنشطة المنظمة سواء المدخلات، أو عمليات من التحويل، أو المخرجات، وحتى انتقال المخرجات أو المنتجات إلى العميل (أحمد،2004، 182)، والتحسين المستمر ضرورة لمواجهة التحديات التنافسية والتحولات المتسارعة في بيئة الأعمال حيث تتقادم الأفكار، وتعتمد الجودة الشاملة على جهود التطوير المستمرة، إذ أن فرص التحسين لا تنتهي مهما بلغت كفاءة وفعالية الأداء (الخطيب،2004م، ص 62)، ومن بين أهداف التحسين المستمر للجودة وجود نظم عمل وعمليات يوثق بها ويعتمد عليها في تحقيق النتائج المرجوة في كل مرة دون حدوث اختلافات في تلك النتائج. (المحياوي ،2006 ،ص 205). ويمكن أن يتم التحسين من خلال التركيز على عدد من العناصر كالنظر إلى جميع الأعمال كعملية واحدة، سواء كانت مرتبطة بإنتاج أو بأنشطة أعمال. وجعل جميع العمليات فعالة، وذات كفاءة، وقابلة للتكيف. وتوقع التغيير في احتياجات الزبون، وضبط أداء العملية باستخدام مقاييس مختلفة، والبحث عن الأنشطة التي لا تضيف قيمة للمنتج أو الخدمة، بهدف التخلص منها (Besterfield,et al., 2005).
    3. تجنب وقوع الأخطاء: يساعد التركيز على الجودة في العمليات الوقاية من الأخطاء قبل وقوعها، وهذا يتطلب استخدام معايير مقبولة للقياس في مرحلة العمليات، كما ينبغي التركيز على الوقاية بدلاً من التفتيش (الحمياني،2005، ص23). ويتم تحقيق الجودة من خلال منع حدوث الخطأ، إذ أن المطلوب هو منع وقوع الخطأ، ويتحقق هذا من خلال تفعيل دور فريق العمل وجماعات التحسين المستمر من خلال خلق فرص المشاركة، وبيئة العمل التي تشجع على التعبير عن الرأي، ويتحقق أيضاً من خلال المتابعة المستمرة. وتعتبر الأخطاء في ظل إدارة الجودة الشاملة فرصة مواتية  للتطوير والتحسين الأمر الذي يفرض ضرورة الكشف عنها قبل أن تستفحل (النعيمي،2006،ص41).
  1. اتخاذ القرارات بناء على الحقائق: وهذا يتطلب اتخاذ القرارات بموضوعية، على أن يتم حل المشكلات من خلال برنامج للتحسين يشترك في تنفيذه ممثلون لكافة العاملين على اختلاف مستوياتهم، وبالإضافة لاشتراك المستهلك، وهذا يتطلب تمكين العاملين وحفزهم على تحمل المسئولية ومنحهم الثقة وإعطائهم السلطة الكاملة لأداء العمل (الحمياني،2005، ص 24). وتركز القرارات الفعالة على جمع البيانات وتحليلها وتزويد متخذي القرار بالنتائج، ومن هنا فإن القرارات سواء الاستراتيجية أو الوظيفية أو التشغيلية للمنظمات التي تطبق إدارة الجودة تكون مبنية على الحقائق والمعلومات الصحيحة والدقيقة، وليست مجرد تكهنات وافتراضات أو تخمينات مبنية على آراء شخصية، ولكي يتم تطبيق هذا المبدأ فإنه يتطلب وجود نظام فعال للمعلومات بحيث يساعد متخذ القرار في إمداده بكافة الحقائق التي يطلبها، وفي الوقت المناسب حتى يمكن الاعتماد على هذا القرار للوصول إلى نتائج دقيقة، ويتطلب كذلك إشراك العاملين على اختلاف مستوياتهم في عملية اتخاذ القرار(العمري،1424هـ، ص47).
  2. ثقافة المنظمة: يعتمد نجاح إدارة الجودة الشاملة على خلق ثقافة تنظيمية تنسجم مع القيم والاتجاهات السائدة في المنظمة وتدعيم الاستمرار في العمل وفقاً لخصائصها. (البكري،2002)، ويعتبر تطبيق إدارة الجودة الشاملة عملية تغيير في نظم وإجراءات العمل داخل المؤسسة من الإدارة التقليدية إلى مفهوم إدارة الجودة الشاملة، أي يعني تغيير في ثقافة ومنهج المؤسسة، لذا يتطلب من الإدارة الحرص على نشر المعلومات الوافية حول النظام الجديد على نطاق واسع بقدر الإمكان عن طرق النشرات والمجلات والكتيبات، وعقد اللقاءات التعريفية …….الخ. وهذه المعلومات تتضمن تفسير المفاهيم الأساسية للجودة الشاملة والإستراتيجيات المعتمدة في تنفيذها، بالإضافة إلى جميع الإنجازات والجهود التي تم تحقيقها، وكذلك أنشطة فرق العمل.
  3. التقدير والتحفيز: يعتمد نجاح إدارة الجودة الشاملة بشكل كبير على المساهمة الفعالة لجميع الأفراد في المنظمة، فالعاملين لديهم معلومات هائلة وفر ص واسعة يمكن من خلالها تطوير العمل وزيادة الأرباح وتخفيض التكاليف، ولكي تحصل المنظمة على الاقتراحات والأفكار البناءة، وللتغلب على مقاومة التغيير، وإثارة القدرات الإبداعية، لا بد له من تحفيز العاملين وتشجيعهم، وذلك من خلال تمكينهم من تنفيذ التغييرات وإعطائهم الصلاحيات المناسبة لما هو مطلوب منهم، وكذلك احترام مشاعرهم، والاهتمام بحاجاتهم، وفي ظل مفهوم إدارة الجودة الشاملة يعتبر التعويض المالي هو احد الطرق التي يتم بها تعويض العاملين عن جهودهم (توفيق،2004، ص8).

خامساً: متطلبات تطبيق إدارة الجودة الشاملة:

    1. دعم وتأييد الإدارة العليا لبرنامج إدارة الجودة الشاملة: يعد دعم وتأييد الإدارة العليا من أهم العوامل لتطبيق ادارة الجودة الشاملة، والذي ينبع من اقتناعها وإيمانها بضرورة التطوير والتحسين المستمر، فحيث أن قرار تطبيق مدخل إدارة الجودة الشاملة يعتبر قراراً استراتيجياً يتم اتخاذه من جانب القيادات الإدارية على مستوى الإدارة العليا بالمنظمة، ويتمثل الدعم والتأييد المطلوب من الإدارة العليا في الإعلان بتطبيق إدارة الجودة الشاملة أمام جميع المستويات الإدارية والعاملين على مختلف مستوياتهم والالتزام بالخطط والبرامج على كافة المستويات، وتخصيص الإمكانيات اللازمة للتطبيق من موارد مالية وبشرية، وتحديد السلطات والمسؤوليات وإيجاد التنسيق اللازم، وهناك علاقة كاملة بين الانجازات التي تحققها المنظمة وبين مدى فهم ودعم ومؤازرة وتأييد الإدارة العليا(اللوزي،2003، ص237).
    2. التوجيه بالمستهلك وتعميق فكرة العميل يدير المنظمة: يعتبر العمل على تحقيق درجة عالية من رضا العملاء الداخليين والخارجين من أهم محاور ومتطلبات تطبيق مدخل إدارة الجودة الشاملة، ولذلك ينبغي تعميق فكرة العميل يدير المنظمة على كافة المستويات التنظيمية بالمنظمة، فالعميل هو محور كل المجهودات في إدارة الجودة الشاملة، وتحقيق هذا التوجه يتطلب أن تتخذ المنظمة كل التدابير التي يمكنها من تقييم مستوى رضاء عملائها، وأحد الأركان الأساسية لهذا هو إنشاء نظام معلومات عن العميل والذي يمكن للمنظمة من خلاله أن تعرف موقفها، ومنتجاتها، ومنافسيها، وعملاءها، وأن تحرص على تحديد وتحليل احتياجاتهم وتوقعاتهم والتغيرات في هذه الحاجات والأذواق وتنمية العلاقات معهم. ( زين الدين،1996، ص22).
    3. تهيئة مناخ العمل وثقافة المنظمة: ويقصد بتهيئة مناخ العمل أن تهتم الإدارة العليا ومنذ البداية في تهيئة وإعداد العاملين بالمنظمة على مختلف مستوياتهم نفسياً لفهم والاقتناع والقبول بمفاهيم وممارسات إدارة الجودة الشاملة، لأن ذلك من شأنه أن يسهم في الحصول على تعاونهم والتزامهم وتقلل من مقاومتهم للتغيير، وكذلك أن تهتم الإدارة بتوفير الموارد والتسهيلات المادية الضرورية لتنفيذ هذا المدخل، إن مسؤولية الإدارة العليا في هذا الخصوص تتبلور في نشر الوعي، وتثقيف العاملين بالجودة، وخلق شخصية الجودة لاقتلاع الشعور بالخوف من التأنيب وتنمية الإحساس بالمسؤولية، ومن ناحية أخرى فإن نجاح تطبيق إدارة الجودة الشاملة رهن بالتهيئة الشاملة لثقافة المنظمة من جميع جوانبها والتي ينظر إليها على أنها مجموعة المعتقدات الراسخة حول الكيفية التي يتم بها تنظيم العمل، والأسلوب الذي يتم وفقاً له ممارسة السلطة، وأسلوب مكافأة العاملين، وكيفية مراقبة أدائهم، وإلى أي مدى تسير المنظمة على وضع الخطط وما هو مداها الزمني، وتركيبة العاملين وكيف ينظر إليهم من حيث الامتثال والطاعة وحثهم على المبادأة والابتكار، وإلى أي مدى توجد قواعد وإجراءات للعمل؟ (زين الدين،1996،ص22)
  1. قياس الأداء للإنتاجية والجودة: إن من أحد متطلبات تطبيق الجودة الشاملة وجود نظام قادر على القياس الدقيق المبني على الأساليب الإحصائية الملائمة لتحديد الخلافات السلبية في أداء وتنفيذ العمليات والأنشطة، والعمل على القضاء على هذه الاختلافات بشكل جذري. وحتى يكتب لنظام القياس التشغيل والعمل التطبيقي الفعلي فيلزم تدريب جميع العاملين بالمنظمة على استخدام التحليلات الإحصائية البسيطة التي تساعدهم على جدولة أدائهم لفترات طويلة ثم تحديد المدى الزمني والمتوسط الحسابي الذي يحتاج إليه العامل لكل عملية، وبهذا الأسلوب تستطيع الإدارة السيطرة على الأداء الكلي للمنظمة والأداء الجزئي للعاملين، ومن ثم التحسن المستمر للعمليات والجودة.
  2. الإدارة الفعالة للمورد البشري بالمنظمة: يعد المورد البشري الفعال خير ضمان حقيقي لاستمرار نجاح تطبيق مدخل إدارة الجودة الشاملة، الأمر الذي يستوجب أن يكون محل عناية واهتمام ويتم ذلك من خلال الإدارة الفعالة له في جميع النواحي الخاصة به، ابتداء من وضع نظام الاختيار والتعيين، وشغل الوظائف، وتقييم الأداء، وبرامج التدريب، وبأسلوب التحفيز المستمر، وبناء فرق العمل ذاتية الإدارة، وانتهاء بالمشاركة والتعاون في إظهار المشاكل وتقديم الحلول لتحقيق التحسين المستمر. واستناداً إلى أهمية المورد البشري بالمنظمة في تطبيق مدخل إدارة الجودة الشاملة، يرى ديمنج أن مدخل إدارة الجودة الشاملة يرفض كثيراً من التطبيقات والممارسات الحالية في إدارة الموارد البشرية، فهو يرى أنه لا بد من التوقف عن عملية ترتيب العاملين حسب الأداء، أو القسم، أو الإدارة التي يعملون بها، وضرورة التوقف أيضاً عن تطبيق نظام الجدارة والمكافأة الذي يستند على الأداء الفردي لأنه يتعارض مع مبادئ الجودة الشاملة واستبداله بنظام يقوم على فطرة الفريق الواحد، والتدريب المستمر، والمشاركة في وضع خطط التحسين المستمر، ومكافأة الفريق المبدع من العاملين وتقدير الجهود البارزة والمتميزة.
  3. التعليم والتدريب المستمر: إن نقل المفاهيم والمبادئ الأساسية لإدارة الجودة الشاملة، وإداراتها، وأساليبها، تتطلـب أن يتم تأهيـل العامليـن من خلال وضع خطة للتدريب والتعليم وعلى كافة المستويات وإن كانت محتوى البرامج تختلف عن مستوى إداري لأخر وفقاً لنوعية المهارات والمعارف والسلوكيات اللازمة لكل منهم. إن ذلك يضمن أن تكون مهارات العاملين واتجاهاتهم منسجمة ومسايرة وملائمة لفلسفة التحسين المستمر. إلا أنه يجب أن يكون النشاط التدريبي مخططاً ومنتظماً ومستمراً. وفي الوقت الملائم لأن ذلك يضمن أن يحصل كافة العاملين على المعارف اللازمة والكيفية التي تمكنهم من وضع تلك المعرف الجديدة موضع التطبيق الفعلي.
  4. تبني الأنماط القيادية المناسبة لمدخل إدارة الجودة الشاملة: يمكن وصف النمط الذي يعتبر متلائماً ومناسباً لمدخل إدارة الجودة الشاملة بأنه ذلك النمط الذي يعمل بروح الفريق، والذي يجاهد من أجل توفير ودعم مناخ يسود فيه العمل الجماعي المتسق، يولي اهتماماً متوازياً بالعنصر البشري والعمليات والجانب الهيكلي في التنظيم والذي يؤمن بأن غرس القيم الايجابية في العلاقات أمر من شأنه تحقيق روح الفريق وتنظيم مصلحة كل من الفرد والمنظمة.
  5. مشاركة جميع العاملين من الجهود المبذولة لتحسين الإنتاجية والجودة: يتطلب مدخل إدارة الجودة الشاملة العمل على إزالة الحواجز من أمام جهود تحسين الجودة الإنتاجية والتخلص من الخوف حتى يتمكن كل فرد أن يعمل من أجل المنظمة، وهذا المطلب لن يتحقق إلا من خلال التعامل مع كل فرد كفريق واحد، إن تلك المشاركة ستوجد رؤية مشتركة تسود بين جميع العاملين وتصبح توجهاً موحداً للتنظيم ككل مما يعمل على خلق درجة عالية من التنسيق، فيتلاشى تكرار الجهود وتختفي التعارضات مع بعضها البعض، وتذهب إدارة الجودة الشاملة إلى أبعد من ذلك، إذ تتطلب أن تشتمل المشاركة على الموردين أيضاً لأنهم شركاء وعن طريقهم سيتم المحافظة على الجودة من خلال شروط توريد أفضل.
  6. تأسيس نظام معلومات لإدارة الجودة الشاملة: استناداً إلى أن مفاهيم إدارة الجودة الشاملة هو التركيز على العميل وفكرة العميل يدير المنظمة، إذن لا سبيل إلى ذلك إلا عن طريق توفير المعلومات وتحليلها وتبادلها داخل المنظمة بشكل يسمح بمراقبة العمليات بصفة مستمرة، وتفسير هذه المعلومات حتى تصبح أداة فعالة لرفع مستويات الجودة من خلال نشر المعرفة بين جميع العاملين بالمنظمة مما يعتبر مساندة وتدعيماً لنجاح تطبيق هذا المدخل، فتوفير وتأسيس نظام المعلومات لإدارة الجودة الشاملة سيسهم إلى حد كبير على التركيز على العميل لتوافر كافة ذات المعلومات ذات العلاقة به، بداية من تحديد احتياجاته ورغباته وتطلعاته، وانتهاء بتقرير مدى رضائه وإشباعه، كما سيسهم هذا النظام في استمرار وجهود التحسين المستمر والتنسيق بين الأنشطة المختلفة لأنها ستكون مبينة على رصد واكتشاف إشارات عملائها الحاليين والمرتقبين وترجمتها إلى مستويات الجودة التي يطلبها هؤلاء العملاء واستغلالها وإشباعها، بما يمكنها من تحسين مركزها التنافسي وتحقيق التميز على منافسيها، وزيادة ارتباط العملاء بها.( زين الدين،1996، ص28).

سادساً: معوقات تطبيق إدارة الجودة الشاملة

يمكن القول أن من بين الأسباب الأخرى الشائعة للفشل في تطبيق برامج إدارة الجودة الشاملة ما يلي: ( خفاجي، 1995، ص 76)

  • عدم التزام الإدارة العليا بتطبيق برنامج إدارة الجودة الشاملة، ولا بد لهذه الإدارة أن تتعلم أولاً خطوات هذا البرنامج ثم توجد هيكلاً تنظيمياً ونظام مكافآت يدعم هذا البرنامج، ومن ثم يكون لديها الرغبة في تكريس المصادر الجهود اللازمة لتطبيق هذا البرنامج .
  • التركيز على أساليب معينة في إدارة الجودة الشاملة وليس على النظام ككل، ولا يوجد أسلوب واحد يضمن تطبيقه تحقيق الجودة العالية، بل يجب النظر إلى إدارة الجودة الشاملة على أنها نظام متكامل من الأجزاء المختلفة المترابطة معاً، وعلى أن تحسين الجودة هو عملية وليس أسلوباً فقط .
  • عدم الحصول على مشاركة الموظفين في برنامج إدارة الجودة الشاملة، من الضروري لإنجاح هذا البرنامج مشاركة كافة أفراد المؤسسة والتزامهم المستمر ومسئوليتهم تجاهه.
  • بعض المؤسسات تحصل على التزام الإدارة والموظفين نحو برنامج إدارة الجودة الشاملة وتقوم بتدريب هؤلاء الموظفين على البرنامج، وتعتقد أن ما يلي ذلك يحدث من جانبها فقط بينما تكون الخطوة اللاحقة مهمة جداً وهو تحويل هذا التدريب إلى حيز الواقع، مثل إيجاد مشاريع تحسين الجودة ونظام الاقتراحات.
  • توقع نتائج فورية وليست على المدى البعيد قد يستغرق تحقيق نتائج مهمة وملموسة من تطبيق برنامج إدارة الجودة الشاملة سنة أو سنتين، وللحصول على فوائد سريعة قد تقوم بعض المؤسسات بتكثيف جهودها في تطبيق البرنامج، وبالتالي يحدث الفشل المتوقع.
  • تركيز المؤسسة على تبني طرق وأساليب إدارة الجودة الشاملة التي لا توافق مع نظام إنتاجها وموظفيها عندما تقوم المؤسسة باستعمال أساليب غير مناسبة لا يؤدي ذلك إلى فشل هذا الأسلوب فحسب ولكن يؤدي إلى زعزعة الثقة بنظام إدارة الجودة الشاملة كله.
  • مقاومة التغيير سواء كان الإدارة أو من العاملين لأن برامج تحسين الجودة تستدعي تغييراً تاماً في ثقافة وطرق العمل في المؤسسة كذلك تخوف بعض العاملين في المؤسسة من تحمل المسئولية والالتزام بمعايير حديثة بالنسبة لهم .
  • تعتمد برامج إدارة الجودة الشاملة على خبراء بالجودة أكثر من اعتمادها على الأشخاص العاديين في المؤسسة .

سابعاً: خطوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة

ليس هناك أسلوب واحد لتطبيق برنامج إدارة الجودة الشاملة متفق عليه بين جميع الباحثين المهتمين بهذا الموضوع، ولكن يمكن القول بأن هناك مجموعة من الخطوات العامة التي يمكن للإدارة إتباعها في تطبيق هذا البرنامج في المؤسسة وهي كالتالي: (عليمات،2004، ص 45)

    1. التزام وتعهد الإدارة العليا بتنفيذ البرنامج، وتدريب القادة والمسئولين على مفاهيم إدارة الجودة الشاملة، وأساليب تطبيقها، وتشكيل فرق وتحسين الجودة.
    2. خلق تصور وفلسفة واضحة للمؤسسة، وإيجاد نص واضح لرسالة المؤسسة يحتوي على الأهداف العامة للمؤسسة وأهداف الجودة التي تسعى لتحقيقها، وإيصالها لجميع أفرادها.
  1. تشكيل مجلس للجودة يضم في عضويته المديرين التنفيذيين في المؤسسة ورؤساء الأقسام المختلفة فيها، ويقوم هذا المجلس بالإشراف على عملية تخطيط وتنفيذ وتقييم البرنامج.
  2. تكوين إستراتيجية لإدارة الجودة الشاملة بحيث يتم تحديد الهيكل التنظيمي لإدارة الجودة ودمج نشاطات إدارة الجودة الشاملة ضمن إستراتيجيات وخطط المؤسسة، وتكوين نظام داخل وحدات المؤسسة لوضع أهداف محددة لإدارة الجودة الشاملة داخلها، وتحديد كيفية إشراك العاملين في تنفيذ برنامج تحسين الجودة، واستخدام الأنظمة الإدارية الحالية في تنفيذ هذا البرنامج.
  3. اتخاذ القرار حول مجال تطبيق برنامج إدارة الجودة، هل سيكون في كل المؤسسة أو اختيار وحدة أو قسم في البداية لتنفيذ البرنامج، وتحديد مدى استعداد وجاهزية هذا القسم للتغيير.
  4. تحليل احتياجات تدريب المديرين التنفيذيين ورؤساء الدوائر والموظفين على مفاهيم إدارة الجودة الشاملة، وتحديد أنواع برامج التدريب اللازمة لكل مجموعة، والمواضيع التي سيتم التدريب عليها، والمواد اللازمة للتدريب والبرنامج الزمني له، وكوادر التدريب المطلوبة.
  5. التأكد من أن أقسام المؤسسة قد طورت معايير لقياس مدى مطابقة السلع والخدمات المنتجة لاحتياجات المنتفعين، وتعديل المقاييس والأنظمة الإدارية الحالية لقياس درجة تلبية هذه الاحتياجات.
  6. إدخال وتطبيق برنامج إدارة الجودة الشاملة في الهيكل التنظيمي في المؤسسة، ووضع التفاصيل اللازمة لتطبيق البرنامج مثل: كيفية التنفيذ، والهيكل التنظيمي اللازم، وكيفية تفويض الصلاحيات والسلطات للأفراد، والإجراءات العملية والمصادر المطلوبة لتسهيل تطبيق البرنامج.
  7. مراقبة وتقييم النتائج باستمرار لتتبع توافق جهود التحسين مع أهداف المؤسسة، وتقييم المصادر المستخدمة في جهود التحسين للحفاظ على الكفاءة والاستخدام الأمثل لهذه المصادر.
  8. إعلان النجاح ومكافأة وتقدير الموظفين المشاركين في جهود التحسين، وتعديل استراتيجيات برنامج إدارة الجودة الشاملة، وتوسيع جهود التحسين لتشمل كل أقسام ووحدات المؤسسة.

 المبحث  الثاني

التخطيط الاستراتيجي

ظهر التخطيط الاستراتيجي كأحدث نموذج من نماذج التخطيط في المنظمات، وقد عمل هذا النوع من التخطيط إلى تغيير الكيفية التي تخطط بها المنظمات لوضع الاستراتيجيات الخاصة بها وتنفيذها، وأصبحت الإدارة الإستراتيجية أداة أساسية للمنظمات لكي تتعلم وتتطور إذا أرادت صياغة حالة من التميز والاستجابة بطريقة فعالة للتغيرات العالمية المتسارعة والمتزايدة (Jack,1997,p20) ويهتم التخطيط الاستراتيجي بتحديد المستقبل الأساسي للمنشأة، والأهداف العريضة التي تسعى إلى تحقيقها، ويترابط مع مفهوم الإستراتيجية (Strategy)، وهو الأسلوب الذي تختاره الإدارة للاستفادة من الموارد المتاحة لها وتحقيق أفضل النتائج (السلمي،2000 :120). ويعبر التخطيط الاستراتيجي عن فهم واقعي لما يدور في البيئة الداخلية للمنظمة، ومحاولة التعرف على نقاط القوة ونقاط الضعف فيها، وفهم بيئة المنظمة الخارجية ومحاولة التعرف على الفرص والمخاطر التي تنطوي عليها، مما يمكن من استشراف المستقبل، والإعداد له، بصياغة مجموعة من البدائل الإستراتيجية التي تقود المنظمة لتحقيق أهدافها، وتوفير شروط وظروف أفضل تساهم في تسهيل تحقيق هذه الأهداف. ( Wheelen & Hunger, 2004,p 10)

أولاً: مفهوم التخطيط الاستراتيجي

يسعى التخطيط الاستراتيجي إلى تحديد التوجهات المستقبلية، ويبحث في المؤثرات الداخلية والخارجية، ويتناول القضايا بشكل شمولي، وقد تناول العديد من الكتاب التخطيط الاستراتيجي بالعديد من التعريفات، إذ يعرف التخطيط الاستراتيجي بأنه ” عملية اتخاذ قرارات ووضع أهداف و استراتيجيات وبرامج زمنية مستقبلية وتنفيذها ومتابعتها”. (غنيم، 2001: 238).

ويعتبر التخطيط الاستراتيجي عملية ذهنية تحليلية لاختيار الموقع المستقبلي للمنظمة تبعاً للتغيرات الحاصلة في البيئية الخارجية ومدى تكييف المنظمة معها، وهو عملية لا تبدأ من فراغ بل تبدأ بعملية تحديد رسالة المنظمة وتحليل البيئة وتحديد الأهداف ووضع وتطوير الاستراتيجيات ثم تقييمها واختيار الأنسب منها للمنظمة (السالم ، 2000: 17) . والتخطيط  الاستراتيجي هو دراسة الواقع بكل أبعاده ومظاهره، من قوة وضعف وتحديات وفرص، و رسم رؤى وأهداف مستقبلية بناءً على ذلك، ثم وضع برامج عملية تساعد على الانتقال إلى المستقبل المنشود. ولغرض بناء الخطط الإستراتيجية ينبغي على المدراء اعتماد المدخل المنظمي الواسع والعريض مما يساعدهم على التعامل وبفاعلية مع الفرص البيئية المتاحة وتجنب التهديدات في ضوء استعدادات المنظمة لمؤشرات القوة والضعف ( جواد ، 2000 : 187 ). ويرى (Wheelen & Huger, 2004,  p 11) ان التخطيط الاستراتيجي هو تطوير مهمة المنظمة  وخططها وأهدافها وسياساتها للمرحلة القادمة، ويرى (الصرن،2002: 299) أن التخطيط الاستراتيجي هو ” العملية التي يتم بواسطتها تصور وتخيل مستقبل المنظمة، وعملية تطوير الإجراءات والعمليات الضرورية لتحقيق هذا المستقبل”.  والتخطيط الاستراتيجي هو عملية نظامية توافق من خلالها إحدى المنظمات – ويلتزم بذلك الشركاء الرئيسيون في المنظمة – على الأولويات التي تعتبر ضرورية لتحقيق هدفها، وفي نفس الوقت تستجيب للبيئة المحيطة بها. ويرشد التخطيط الاستراتيجي إلى امتلاك الموارد وتخصيصها باتجاه تحقيق تلك الأولويات (Jude, 2005 , p2).

ثانياً: مزايا التخطيط الاستراتيجي

للتخطيط الاستراتيجي مزايا عديدة من أهمها: (الأغا، 2005 : 65 و (غنيم،2001: 242).

  1. التخطيط عملية متكاملة ومتنوعة الأبعاد لصياغة وتطبيق خطة إستراتيجية شاملة تؤدي إلى إكساب أو خلق الميزة التنافسية للمنظمة.
  2. ينطلق التخطيط الاستراتيجي من تحليل منهجي شامل للمركز التنافسي الحالي للمنظمة، وللفرص والتهديدات الحالية والمتوقعة في بيئة الأعمال، ولعناصر القوة والضعف الذاتية الموجودة في داخل المنظمة من جهة أخرى.
  3. التخطيط الاستراتيجي عملية واسعة متعددة الأوجه ومتنوعة الأنشطة تتجاوز النظرة التقليدية للأنماط الأخرى من التخطيط، فالتخطيط الاستراتيجي ليس مجرد نشاط وظيفي وديناميكي متخصص، وإنما هو أوسع شمولاً، وأغنى أبعاداً، وأعمق مستوىً من التفكير العقلاني التحليلي، حيث يتسم بالتفكير الموضوعي المتبصر الذي ينطلق من محاولة صياغة نظرة شاملة لكافة المتغيرات البيئية (الداخلية والخارجية).
  4. يسعى التخطيط الاستراتيجي إلى إيجاد تصور تستطيع من خلاله أن تحقق ميزة تنافسية، وذلك من خلال تحليل الاتجاهات المتوقعة والممكنة والتركيز على المستقبل، ويتميز التخطيط الاستراتيجي بأنه نوعي يركز على إنتاج وتوريد الأفكار غير المسبوقة.
    يحقق التخطيط الاستراتيجي التفاعل والحوار البناء بين المستويات الإدارية الثلاث في التخطيط (العليا – الوسطى – الدنيا) وبين مستقبل التنظيم وسبل نجاحه وتطوره، ويرشد اتخاذ القرارات في العملية الإدارية.
  5. يعمل التخطيط الاستراتيجي على التقليل من الآثار السلبية للظروف المحيطة على نشاط التنظيم وزيادة فاعليته وكفاءته، وتقديم المساهمة في إحداث جودة أفضل للمنتج أو الخدمة
  6. يسعى التخطيط الاستراتيجي إلى وضع مسارات رئيسية للفعل الاستراتيجي تتمثل بخطط إستراتيجية أقل رسمية وأقل ثباتاً، وأكثر تغييراً وأوسع شمولاً، وأعمق تحليلاً من الخطط الرسمية التقليدية التي تنغلق على ثوابت مبادئها وقواعد عملها ومراحل تنفيذها.

ثالثاً: أهداف التخطيط الاستراتيجي

يرى ( مصطفى،2004 : 50) إن التخطيط الاستراتيجي يحقق العديد من الأهداف والتي من أهمها:

  • يعد التفكير الإستراتيجي أساسا لصنع القرارات المستقبلية .
  • تحدد الإستراتيجية للإدارة مواضع التهديدات المتوقعة لتجنبها، والفرص المتوقعة لتغتنمها.
  • يعمل التخطيط الاستراتيجي على خفض المفاجآت فمن خلال رصد ومتابعة المتغيرات البيئية، تتوافر معرفة أفضل بالمتغيرات في مجالات مثل تفضيلات العملاء، تحركات المنافسين، أسعار العملاء، أسعار مستلزمات الأداء مثل الخامات، التغليف والتخزين، النقل، الإعلان…. الخ.
  • يمكن تحديد الأسواق الجديدة المستهدفة وتحليلها وتوصيفها، وتطوير منتجات جديدة تناسبها، وبدلاً من مجرد الاستجابة كرد فعل للتغير في حاجات أو رغبات العملاء، يمكن استشراف هذه المتغيرات والإعداد الواعي لدخول أسواق جغرافية جديدة وجذب قطاع سوقي جديد من العملاء أو أكثر.
  • يتيح التخطيط الإستراتيجي تطويراً لمنتجات جديدة لتحسين مقابلة حاجات السوق.
  • التخطيط الإستراتيجي يهيئ مناخاً فاعلاً للتغيير الإداري، فهو يدفع صناع القرارات للتفكير في أي قرارات سيتخذونها إن وقعت أحداث معينة متوقعة، هذا إضافة لتحسين الاتصالات الداخلية بالمنظمة، حيث يلتزم متخذو القرار على كل المستويات بتبادل المعلومات، وهذا يقلل من تعارض الأهداف والأنشطة ويسهل المتابعة الفاعلة لهذه الأنشطة.

رابعاً: عناصر التخطيط الاستراتيجي

يقوم التخطيط الاستراتيجي على أربعة عناصر متميزة هي: (الشيخ وحمامي،1995: 126) .

  1. المستقبلية في اتخاذ القرارات: حيث تحدد بدائل يمكن إتباع واحداً منها في المستقبل، وعند الاختيار يصبح ذلك البديل الأساس لجميع القرارات، أي أنها عملية منظمة لتحديد الفرص والمخاطر المستقبلية التي من خلال امتزاجها مع المعلومات ذات العلاقة تعطي المنظمة الأرضية الملائمة لاتخاذ القرارات المتعلقة باستكشاف وتجنب المخاطر، وبذلك فان هذا العنصر يمثل تحديد الأهداف المستقبلية وكيفية تحقيقها.
  2. العملية: يبدأ التخطيط الاستراتيجي بتحديد الأهداف، ومن ثم تحديد الاستراتيجيات، ثم تحديد السياسات، وتطوير الخطط التفصيلية للتأكد من تنفيذ تلك الأهداف، وعليه فان التخطيط الاستراتيجي هو العملية التي تتضمن التحديد المسبق لأنواع الجهود التنظيمية المطلوبة وزمن اتخاذها.
  3. الفلسفة: يعد التخطيط الاستراتيجي اتجاه وطريقة في الحياة وجزء مهم من العملية الإدارية، وهو لا يمثل فقط سلسلة من القواعد والإجراءات والوسائل، إذ لابد للمديرين العامين في أية مؤسسة من الاقتناع بأنه مفيد ومهم ولابد من ممارسته في جميع الأنشطة الرئيسة، وهذا لا يتم إلا من خلال وجود فلسفة راسخة لدى المديرين في أية مؤسسة تقوم على اعتماد هذا النوع من التخطيط في العمل.
  4. الهيكلية: وهي عبارة عن عملية منظمة تسعى لتحديد الغايات والأهداف والسياسات والاستراتيجيات، وتعمل أيضاً على وضع الخطط التفصيلية لتطبيقها وصولا لتحقيق أهداف المنظمة، والتخطيط الاستراتيجي يربط ثلاثة أنواع من الخطط مع بعضها وهي الخطط الإستراتيجية، والخطط أو البرامج متوسطة المدى، والخطط أو البرامج قصيرة
    المدى. والمنظمات التي تتبع اللامركزية لابد لها من إيجاد علاقة هيكلية تربط الأنواع الثلاثة من الخطط يبعضها، وهذه الهيكلية تساعد الإدارة العليا على تحويل خططها الرئيسة إلى قرارات محددة باتجاه تحقيق الأهداف النهائية.

خامساً: مبررات التخطيط الاستراتيجي

هناك بعض المبررات التي تفرض اللجوء إلى التخطيط الاستراتيجي: ( القطامين،2002: 89)

  1. اكتشاف أخطاء في عمل المؤسسة: ويقصد بها الوصول إلى نتائج غير متطابقة مع الأهداف الموضوعة، فإذا كانت نتائج الأداء الحالية مساوية أو أفضل من نتائج الأداء للسنة أو السنوات الماضية فإن إدارة المؤسسة تستنتج أن الأداء مقبول وأن لا داعي لإجراء أية تغييرات في السياق المحدد لنظام التخطيط الحالي، أما إذا كانت نتائج الأداء تلك أقل من مثيلاتها للسنوات الماضية، تصبح الحاجة ملحة إلى إعادة النظر بالخطط القائمة ويصبح الوضع يتطلب الشروع في دورة تخطيط استراتيجي جديدة.
  2. تبلور فجوة ملفتة للنظر في أداء المؤسسة: إذا أصبحت نتائج الأداء بعيدة كثيراً عن التوقعات بصورة ملفتة للنظر عن مثيلاتها من المؤسسات المنافسة، هنا يتم طرح الأمور على طاولة البحث وتتجه الأنظار إلى رسالة المؤسسة وأهدافها الإستراتيجية وخططها وسياستها بحثاً عن السبب أو الأسباب.
  3. تولي مدير عام جديد لمهامه في المؤسسة: لكل مدير عام أسلوبه وطريقته الخاصة في قيادة المؤسسة إذ أن للمدير سلطات ومسؤوليات واسعة تتيح له تغيير معالم العمل المؤسسي للوجهة التي يراها أكثر ملائمة لإنجاز أهداف مؤسسته.

سادساً: مراحل التخطيط الاستراتيجي

         تشير عملية التخطيط الاستراتيجي إلى تطوير خطط طويلة الأجل تأخذ بعين الاعتبار كل من الفرص والتهديدات الخارجية في ضوء نقاط القوة والضعف للمنظمة، كما تحتوي على التعريف برسالة المنظمة وتحديد الأهداف المراد تحقيقها وتطوير الاستراتيجيات ووضع الخطوط الأساسية لسياسية المنظمة ( Wheelen & Hunger , 2004,p 37)، وفيما يلي أهم مراحل التخطيط الاستراتيجي:

المرحلة الأولى: مرحلة الإعداد

تتضمن مرحلة الإعداد للتخطيط الاستراتيجي عدة خطوات هي:-

  1. التحليل الاستراتيجي
  • ينطلق التخطيط الاستراتيجي من تحليل منهجي شامل للمركز التنافسي الحالي للمنظمة من خلال الفرص والتهديدات الحالية والمتوقعة في بيئة أعمال المنظمة من جهة، ولعناصر القوة والضعف الذاتية الموجودة داخل المنظمة من جهة أخرى. (السلمي،2000: 129-130). ويتضمن التحليل الاستراتيجي بعدين هما:-
  • تحليل البيئة الخارجية

تعد دراسة وتحليل العوامل البيئية الخارجية من الأمور المهمة والضرورية عند اختيار الإستراتيجية المناسبة من خلال تحديد الفرص المتاحة للمنظمة والتعرف على الظروف المحيطة بها في مكان معين من السوق، وفي فترة زمنية محددة وتتمكن المنظمة من استغلال تلك الفرص لتحقيق أهدافها الإستراتيجية. وتحديد التهديدات أو المخاطر المحتملة التي قد تسبب خطراً أو آثاراً سلبية للمنظمة سواء بدخول منافسين للسوق أو تغيرات في أذواق المستهلكين. (الدوري،2005: 158).

  • تحليل البيئة الداخلية:

يقصد بتحليل البيئة الداخلية إلقاء نظرة تفصيلية على داخل التنظيم لتحديد مستويات الأداء، مجالات القوة، ومجالات الضعف. (إدريس ومرسي، 2002: 70).

وتهتم المنظمات بتحليل وتقييم كافة العوامل الداخلية، وذلك بغرض رئيس يتمثل في بيان نقاط القوة والضعف التي يتسم بها كل عامل من العوامل الداخلية مع الاستعانة بنتائج تحليل العوامل الخارجية مما يساعد على اتخاذ قراراتها الإستراتيجية، واختيار البدائل المناسبة لها.ومن العوامل المهمة في تحليل البيئة الداخلية : العوامل المادية، والعوامل البشرية، والعوامل المعنوية. (المغربي، 1999: 133).

  1. صياغة الإستراتيجية: الإستراتيجية هي “نمط الأهداف، والأغراض والبرامج، وأعمال السياسات والقرارات والخطط وتخصيص المصادر، والتي من خلالها يمكن معرفة ماهية النظم التربوية (الكلية)، ولماذا تعمل ؟ وماذا تريد أن تعمل؟ ” (غنيم، 2005: 459). وتبدأ صياغة الإستراتيجية بتعريف الطرق العملية التي تؤدي إلى تحليل المهام الإستراتيجية، ويستمد اختيار الإستراتيجية أساساً من نتائج تقويم مصفوفة((SWOT (الدوري، 2005 : 157). ويساعد توافر الإستراتيجية على تحقيق الضمان، والتأكد من أن القرارات التي يتم اتخاذها يومياً تتوافق مع المصالح بعيدة المدى للمؤسسة، كما يشجع وجود إستراتيجية واضحة جميع العاملين على العمل سوياً لتحقيق الأهداف المشتركة.
  2. وضع الخطة الإستراتيجية : ويمر وضع الخطة الإستراتيجية للمؤسسة بثلاث خطوات هي :-

أ- صياغة رؤية ورسالة المؤسسة : وتعرف الرؤية الإستراتيجية بأنها ” المسار المستقبلي للمنظمة الذي يحدد الوجهة التي ترغب في الوصول إليها، والمركز السوقي الذي تنوي تحقيقه، ونوعية القدرات والإمكانات التي تخطط لتنميتها”. (المرسي، وآخرون، 2005: 87). وعند صياغة الرؤية يلزم اللجوء إلى التخيل، وذلك لتصور ماذا يمكن أن يحدث على المدى البعيد، فالرؤية تضع إطاراً عاماً لفلسفة المنظمة غاياتها، استراتيجياتها، وفي نفس الوقت لها دور مهم في زيادة فعالية وإنتاجية المنظمة لأنها تحفز الجميع للعمل باتجاه هدف واحد (أبو الروس،2004: 28).ويضيف المرسي بأنه يوجد ثلاث مكونات مميزة يجب أخذها بعين الاعتبار عند الشروع في صياغة الرؤية الإستراتيجية للمنظمة وهي: تحديد مجال النشاط الحالي للمنظمة، وتحديد التوجه الاستراتيجي المستقبلي، وتوصيل الرؤية بشكل واضح وجذاب للأطراف ذات الاهتمام. (مرسي، وآخرون، 2002: 103). أما رسالة المنظمة فتعرف بانها: ” الغرض الذي يميز الشركة عن غيرها من الشركات المشابهة، وتحدد الرسالة مجال عمليات المنظمة من منظور المنتج أو السوق).(العارف، 2001 : 20).

ب- وضع الغايات الإستراتيجية والأهداف: تشكل الغايات الإستراتيجية العنصر الرئيسي في عمليات التخطيط الاستراتيجي حيث تحدد الإطار العام للأنشطة التي تقوم بها المنظمة، وتساعد في تحويل الرؤية الإستراتيجية والرسالة إلى مستويات مرغوبة للأداء، ومن ناحية أخرى فإن الغايات والأهداف تسهم في توجيه القدرات الإستراتيجية وتحديد أولوياتها وأهميتها النسبية، ويشير مفهوم الغايات إلى النتائج النهائية للمنظمة والتي ترتبط بتحديد الغرض الذي يميزها عن غيرها من المنظمات المماثلة، وعادة ما تستند الغايات إلى رسالة المنظمة (المرسي،وآخرون،2002: 120)، في حين يشير مفهوم الأهداف إلى النتائج المطلوب تحقيقها لترجمة مهام المنظمة ورسالتها إلى واقع عملي، وتتسم بالتحديد الدقيق، وإمكانية القياس والميل إلى التفصيل.

المرحلة الثانية : مرحلة تنفيذ الإستراتيجية

يعرف تنفيذ الإستراتيجية بأنه ” عبارة عن سلسلة من الأنشطة المترابطة مع بعضها البعض والتي تتضمن تكوين متطلبات الإستراتيجية التي يتم اختيارها”. (الدوري، 2005: 293).

إن تطبيق الإستراتيجية بصورة ناجحة يمثل تحديا أكثر صعوبة وتعقيدا لان طريقة معالجة هذا التحدي وترجمته إلى سلسلة من الانجازات يحدد مباشرة الجهد المبذول سابقا . إذ أن فشل الإدارة في تطبيق الإستراتيجية لا يقتصر على هذه المرحلة وحسب وإنما يتعداها إلى فشل الإدارة الإستراتيجية ككل، ومهما كانت الإدارة ناجحة في البيئة الداخلية والخارجية مع استخدامها نماذج وأدوات التحليل الاستراتيجي الخاصة بعملية اختيار وصياغة الإستراتيجية المناسبة تصبح كل خطواتها لا معنى لها إذا لم توضع في سيق تنظيمي مناسب وتنقل إلى خطوات تنفيذية سليمة.
إن الصياغة تهتم ببيان وتحليل العوامل المؤثرة قبل التنفيذ ، كما أن مرحلة التنفيذ تهتم بإدارة العوامل المؤثرة أثناء العمليات والإنتاج وأنها تبنى على أساس العمليات التشغيلية مع التركيز على الفاعلية والكفاءة ، بينما تركز الصياغة على التنبؤ والتوقع المستقبلي . ويمكن القول أن صياغة الإستراتيجية بشكل جيد يعد الخطوة الأولى للتنفيذ الفعال، وان المدراء الأكفاء غالبا ما يتحركون إلى الخلف والى الأمام بين صياغة الإستراتيجية وتنفيذها. إذ أن الإدارة تواجه مسألة جوهرية تتمثل في ضرورة تعدد خياراتها الإستراتيجية بصورة دائمة أثناء تنفيذها.

المرحلة الثالثة : مرحلة الرقابة وتقييم الإستراتيجية

      تهدف عملية الرقابة والتقييم للإستراتيجية إلى التأكد من صحة التفكير ودقة التخطيط وكفاءة التنفيذ، وتمتد عملية الرقابة على تطبيق الخطة الإستراتيجية إلى التأكد من جودة التفكير الاستراتيجي، والتأكد من جودة الخطة الإستراتيجية، حتى التأكد من جودة الأداء الفعلي ومطابقته للمخطط المستهدف (المرسي، وآخرون، 2002: 405). كما أن كل الاستراتيجيات تخضع لعملية تقييم لمعرفة مدى تناسبها مع التغييرات التي تحدث في البيئة الداخلية والخارجية، ولتقييم مدى دقة التنبؤات التي تحتويها الخطط، ويتطلب ذلك مقارنة النتائج الفعلية بالأهداف المتوقعة من تطبيق الإستراتيجية وبالتالي اكتشاف الانحرافات سواء كانت في التصميم، أو في تطبيق الإستراتيجية (أبو بكر، 2006 :2)

العوامل التي تساعد على نجاح التخطيط الاستراتيجي:

أورد (العقيل، 2003: 3) عوامل نجاح التخطيط الاستراتيجي التي تخدم التنمية الشاملة على النحو التالي:

  1. قيام التخطيط الاستراتيجي على نظام واقعي متكامل بعيداً عن التخمين والحدس.
  2. أن تكون الخطة نابعة من واقع بيئة العمل التي تتفاعل معها.
  3. أن يشترك جميع العاملين في وضع الخطة لضمان تفاعلهم عند التطبيق.
  4. أن تحقق الأهداف العامة للتخطيط حاجة الأفراد والمجتمعات إلى تنمية وتطوير ذاتها.
  5. أن تكون الخطة الموضوعة قابلة للتغير والتطوير والزيادة والنقصان.
  6. أن تكون الخطة منسجمة مع الأهداف الموضوعة لتحقيق النماء والتطور.
  7. أن تركز الخطة على الأولويات في العمل بالمنظمة.
  8. أن تكون الخطة قابلة للتقييم والمتابعة والرقابة.

سابعاً: مهارات التخطيط الاستراتيجي

يتطلب التخطيط الاستراتيجي توافر مجموعة من المهارات أهمها: (عباس، 2004)

  • القدرة على التركيز: إن مضاعفة القدرة في التركيز على الأمور التي يمكن عمل أشياء مميزة فيها تأتي نتيجة تفويض الأمور البسيطة التي لا تتغير نتائجها كثيرا إلى المرؤوسين .
  • القدرة على التكيف: يتطلب التخطيط قدرة على التكيف مع البيئة المتغيرة باستمرار، إذ أن القدرة على التكيف مع التغيير من خلال اعتباره شيئاً حتمياً تعتبر مهارة ضرورية
    للإبداع.
  • مهارة الصبر والتحمل: تتمثل هذه المهارة بالقدرة على إعادة تقييم الذات، وهذا يساعد على تجاوز الضغوط اليومية وكذلك تقييم أداء المؤسسة مع الثقة بالمستقبل.
  • مهارات الاتصالات: هناك ثلاث مجموعات من المهارات لتحقيق الاتصال المباشر الفعال:
  • الحصول على استماع وانتباه: إذ أن هناك ضرورة للتصرف من اجل قبول الآخرين.
  • الحصول على المعلومات المطلوبة: كيفية الإصغاء للآخرين بحيث تتمكن من معرفة ما يعرفه الآخرون وبذلك تستطيع استعمال هذه المعرفة والمعطيات للاستمرار في عملك.
  • الحصول على اتفاق عملي: وهذا يوضح كيفية الحصول على اتفاق على بعض الأشياء بحيث أن كل طرف من أطراف الاتصال يحقق أهدافه من الاتصال.

 

ثامناً: العقبات التي يواجهها التخطيط الاستراتيجي

تواجه عملية التخطيط الاستراتيجي بعض العقبات، ومن بينها مايلي:(العارف،2000).

1-عدم رغبة المديرين أو ترددهم في استخدام هذا الأسلوب، وقد يعزى ذلك لعدة أسباب:

أ-اعتقاد المدير بعدم توافر الوقت الكافي للتخطيط الاستراتيجي .

ب-اعتقاد المدير بأنها ليست مسئوليته.

ج-اعتقاد المدير بأنه لن يكافأ على عملية التخطيط الاستراتيجي .

2- اضطراب البيئة الخارجية الأمر الذي قد يجعل التخطيط متقادما قبل أن يبدأ وذلك لعدة أسباب كتغير سريع في عناصر البيئة القانونية والسياسية والاقتصادية، وارتفاع تكلفة متابعة هذا التغيير عن قرب وبصورة مستمرة .

3-الانطباع السيئ الذي تتركه مشاكل التخطيط الاستراتيجي لدى المدير، لعدة أسباب من أهمها لا تسمح مشاكل وضع نظام للتخطيط الاستراتيجي للمدير تقبل الفكرة، كما أن مشاكل جمع البيانات وتحليلها لوضع الخطط الإستراتيجية لا تجعل المدير يقدر أهمية الفكرة، ووجود خطأ في إدارة الخطط الإستراتيجية يجعل المدير يعتقد بأنها فكرة غير مجدية.

4-ضعف الموارد المتاحة: وتشمل الموارد المالية وصعوبة الحصول على مواد أولية و صعوبة جلب التكنولوجيا والأسباب الفنية ونقص في القدرات الإدارية.

5-التخطيط يحتاج إلى وقت وتكلفة كبيرة وذلك لعدة أسباب مثل المناقشات حول رسالة وأهداف الشركة تستغرق وقتا طويلا من الإدارة العليا، وان الأمر يحتاج إلى كم هائل من المعلومات والإحصاءات المكلفة.

المبحث الثالث

تكامل التخطيط الاستراتيجي والجودة الشاملة

يعمل التخطيط على تبني مفهوم تنموي يهدف إلى التحسين المستمر في نوعية الحياة العملية، وتأمين المشاركة للجميع، وتطوير البنى الأساسية للعمليات، وإيجاد بدائل وأساليب ترتكز على فهم معمق للبيئة مما يقلل من نسب الهدر الناتج عن التخبط والعشوائية، ويكسب القائمين عليه والمشاركين فيه ثقة بأنفسهم وبتوجهاتهم، ويمثل دافعاً ومحفزاً نحو تحقيق أهداف المؤسسة ولأن تحقيق أهداف المؤسسة، ولأن تحقيق أهداف معينة بطريقة مثلى تحتاج إلى العديد من البيانات الإحصائية والمعطيات التكنولوجية، وتحليل الآثار المترتبة على كل خطوة من الخطوات تحليلاً دقيقاً، والمقاربة بين نتائج الخطوات البديلة المتعددة والتوازن بين متطلبات تحقيق الأهداف وبين الموارد المتوفرة (الحفار،2001، ص67)، فإن مبادئ ومنطلقات الجودة تصبح ممثلة كأساس مهم في عملية بناء الأهداف التي تعد جوهر عملية التخطيط، وكما أن إدارة الجودة الشاملة وإدارة التغيير لا يمكن أن طبقاً وتعملا بمعزل عن فهم أهداف ومفاهيم التخطيط الاستراتيجي لكلا المفهومين من ارتباط وثيق بنجاح تطبيقات الجودة.

ولتفصيل العلاقة بين التخطيط الاستراتيجي والجودة وتحديد نقاط الارتباط بينهما لا بد من الإشارة إلى المبادئ التي ترتكز عليها كلتا العمليتين، والمخرجات التي تنتج عنها والجدول التالي يوضح نقاط الاتفاق والاختلاف بينهم:

يتضح من خلال الجدول السابق أن نقاط الاتفاق والتكامل بين التخطيط والجودة كبيرة وتعبر عن مدى التكامل بينهما، فمبادئ الجودة ينبغي أن تك ون حاضرة عند صياغة رسالة وأهداف المؤسسة، كما أن التخطيط للجودة مهم في تحقيق أهدافها، وأحد أهم مكوناتها ومعاييرها، ويبرز (كيلادا، 2004)، التخطيط والجودة باعتبارها عناصر أساسية وأسسا مهمة يبنى عليها تحديد اتجاهات واستراتيجيات المؤسسة، وتمثل القرار التي يحدد للمؤسسة صبغتها، ومسار عملها، ودقة نجاحها وتأثيرها في البيئة التي تعمل خلالها، فإذا بنيت الثقافة لدى العاملين داخل المؤسسة أصبحت جزءا من عاداتهم وتقاليدهم وشكلت رؤيتهم وفهمهم للمستقبل، وعبرت عن القيم غير المكتوبة. وعند استهلال عملية التخطيط يبدأ التخطيط بتشخيص يقود إلى إعداد أهداف تحقق الجودة الشاملة، من خلال التعرف على البيئة الخارجية (العملاء –السوق – حجم التنافس)، وتحديد الأهداف التي تعمل على استقطاب وإرضاء مجتمع المستفيدين، ثم يتجه لتحليل البيئة الداخلية التي تم بتوزيع الموارد وتنميتها واستثمار نقاط القوة فيها ومعالجة الخلل وبذلك يخدم هذا التحليل غاية مهمة من غايات الجودة .

وتتحدد أهداف الجودة الشاملة بعد إتمام عملية التشخيص ودراسته بعناية، لذلك نجد أن تطور المفاهيم باتجاه تجويد العمل أدى إلى تطوير الخطط والبدائل الإستراتيجية بما يخدم تطوير المؤسسة، ثم إن عملية تنفيذ الأهداف ترتكز على جماعية الأداء، وتفاعل كافة الإدارات والأقسام في تحقيق أهداف المؤسسة، وهذا ما تعبر عنه فلسفة الجودة الشاملة ومبادئها التي تركز على المشاركة لجميع أعضاء المؤسسة والمستفيدين من خدماتها، ولضمان تحقيق نتائج أفضل لعملية المشاركة في التنفيذ يشترط أن يسبقها تحقق عملية مشاركة الجميع في صياغة ووضع أهداف المؤسسة خلال عملية التخطيط.

الخلاصة:

تعتبر مبادئ ومنطلقات الجودة أساس مهم في عملية بناء الأهداف التي تعد جوهر عملية التخطيط، وكما أن إدارة الجودة الشاملة لا يمكن أن تطبق وتعمل بمعزل عن فهم أهداف ومفاهيم التخطيط الاستراتيجي لما لها من ارتباط وثيق بنجاح تطبيقات الجودة. وتجدر الإشارة إلى وجود نقاط اتفاق وتكامل بين التخطيط والجودة مما يشير إلى مدى التكامل بينهما، إذ يجب أن تتوفر مبادئ الجودة لدى  صياغة رسالة وأهداف المنظمة، كما أن التخطيط للجودة مهم في تحقيق أهدافها، وأحد أهم مكوناتها ومعاييرها.  وقد  أدى  تطور المفاهيم باتجاه جودة العمل إلى تطوير الخطط والبدائل الإستراتيجية بما يخدم تطوير المؤسسة، ثم إن عملية تنفيذ الأهداف ترتكز على جماعية الأداء، وتفاعل كافة الإدارات والأقسام في تحقيق أهداف المؤسسة، وهذا ما تعبر عنه فلسفة الجودة الشاملة ومبادئها التي تركز على المشاركة لجميع أعضاء المؤسسة والمستفيدين من خدماتها، ولضمان تحقيق نتائج أفضل لعملية المشاركة في التنفيذ يشترط أن يسبقها تحقق عملية مشاركة الجميع في صياغة ووضع أهداف المؤسسة خلال عملية التخطيط.

النتائج:

  1. إن التخطيط الاستراتيجي يؤدي دوراً أساساً في تطبيق الجودة الشاملة، ونجاحها وتحديد متطلبات تطبيقها فهو الدعامة الأساسية، والمعين لها في مواجهة تحديات المستقبل، وما يشوبه من أمور غير محسوبة، وإنه لا يتيح مجالاً كبيراً للتخمين، فكل مفردة وفعالية صغيرة أو كبيرة تخضع للدراسة والبحث والتحليل.
  2. يعتبر التخطيط الاستراتيجي أحد مبادئ الجودة الشاملة، بمعنى أن الجودة تعتمد اعتماداً كلياً على التخطيط وليس العكس صحيحاً.
  3. إن الجودة الشاملة مرحلة طويلة الأجل تحتاج إلى تخطيط استراتيجي متكامل، وبدقة عالية وموضوعية، ويضم التخطيط جوانب أساسية بدءاً من معرفة وضع المؤسسة السابق ووضعها الراهن، والمطلوب تحقيقه، وخطة المؤسسة من اجل تحقيق ما تريده وان خطط الجودة يجب أن تترجم كيفية الإيفاء بمتطلبات الجودة الشاملة من طريق فعاليات متتابعة محكومة بمدى زمني محدد.
  4. إدارة الجودة الشاملة ليست هي بديل عن التخطيط الاستراتيجي بل هي مكمل ورابط لبرنامج التحديث والتطوير لنظام العمل ونشره على كافة المستويات.

التوصيات:

  1. أن يتم العمل على تطوير البنى الأساسية للعمليات، وإيجاد بدائل وأساليب ترتكز على فهم معمق للبيئة مما يقلل من نسب الهدر الناتج عن التخبط والعشوائية، ويكسب القائمين عليه والمشاركين فيه ثقة بأنفسهم وبتوجهاتهم، ويمثل دافعاً ومحفزاً نحو تحقيق أهداف المؤسسة.
  2. أن يتم توظيف إدارة الجودة الشاملة ومبادئها حتى تتلاءم مع بيئة المنظمة.
  3. التوسع في تطبيق مدخل إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات؛ باعتباره ضرورة ملحة وخيار استراتيجي تفرضه متطلبات العصر وتحدياته.
  4. تأهيل فرق تطبيق مدخل إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات تأهيلا يمكنهم من التطبيق الصحيح المحقق لأهداف تطبيق هذا المدخل قبل الشروع في عملية التطبيق، حيث إن من أهم متطلبات نجاح عملية تطبيق مدخل إدارة الجودة الشاملة تنمية الكفايات المعرفية والمهارات الفنية اللازمة للمنفذين والمستفيدين.

قائمة المراجع

  1. إدريس، ثابت، والمرسي، جمال الدين، (2002): الإدارة الاستراتيجية: مفاهيم ونماذج تطبيقية، الدار الجامعية : مصر.
  2. بدح ، أحمد (2004) . إدارة الجودة الشاملة، نموذج مقترح للتطوير الإداري وإمكانية تطبيقه في الجامعات الأردنية العامة، أطروحة دكتوراه غير منشورة، عمان:جامعة عمان العربية للدراسات العليا.
  3. توفيق ،عبد الرحمن ،(2004)،المناهج التدريبية المتكاملة،مركز الخبرات المهنية للإدارة،مصر.
  4. جواد ،شوقي ناجي(2000) ، إدارة الستراتيج ، ط 1، عمان :دار الحامد للنشر
  5. الحربي ، حياة محمد سعيد .(1422 هـ) ” إدارة الجودة الشاملة كمدخل لتطوير الجامعات السعودية ” رسالة دكتوراه غير منشوره ، جامعة أم القرى ،كلية التربية , قسم الإدارة التربوية والتخطيط .
  6. الحفار، سعيد ( 2001 )، ” أضواء على مفاهيم السياسة، الإستراتيجية، التخطيط، وضع الخطط وأصول تنفيذها ، نظري– تطبيقي ” الطبعة الأولى ، هيئة الموسوعة العربية،دمشق
  7. حمامي ،يوسف و فؤاد الشيخ ( 1995) “التخطيط الاستراتيجي من وجهة نظر مديري شركات الأعمال الاردنية”مؤتة للبحوث و الدراسات, سلسلة العلوم الإنسانية, مجلد (10), عدد (6), ص124-135
  8. حمود،خضير كاظم (2002) إدارة الجودة وخدمة العملاء ، ط1، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ، عمان
  9. الحمياني ، عبد الله عائض مريع .(2005) ” تطبيق أسس الجودة الشاملة في تطوير الأداء – دراسة تطبيقية في الأساليب الإحصائية في معرفة أسباب غياب وتسرب الطلاب في المرحلة المتوسطة – دراسة تطبيقه على مدارس عكاظ والقديرة والريان المتوسطة من محافظة الطائف ” . رسالة ماجستير غير منشورة , الإسكندرية ، الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري ، معهد الإنتاجية والجودة
  10. الخطيب أحمد محمود (2004) إدارة الجودة الشاملة : نموذج مقترح لإصلاح التعليم العالي وتجديده، بحث مقدم إلى مؤتمر الوصول إلى المعرفة في القرن الواحد والعشرون، بيروت.
  11. الدجاني إياد علي يحيى (2006) واقع التخطيط الاستراتيجي في الجامعة الإسلامية في ضوء معايير الجودة ، رسالة ماجستير غير منشورة ، الجامعة الإسلامية، غزة
  12. الدوري، زكريا (2005): الإدارة الإستراتيجية مفاهيم وعمليات وحالات دراسية، دار اليازوري العلمية للنشر : الأردن.
  13. زين الدين، فريد ،(1997) ، الاطار الفكري والفلسفي لمدخل ادارة الجودة الشاملة ، مجلة الادارة، المجلد الثلاثون ، العدد الاول ، القاهرة ، ص ص  8-28
  14. السلمي، علي (2000) : الإدارة المعاصرة، مكتبة الغريب : مصر.
  15. سونيا محمد البكري ،(2002) إدارة الجودة الكلية ، الدار الجامعية، الاسكندرية
  16. شبراوي، عادل(1995) ، الدليل العملي لتطبيق ادارة الجودة الشاملة ، الشركة العربية للاعلان ، القاهرة
  17. الشمري ، أسيل على مزهر (2009) دور إدارة الجودة الشاملة في عملية تقويم الأداء الجامعي دراسة تحليلية لآراء عينة من القيادات الإدارية في جامعة القادسية ، مجلة القادسية للعلوم الإدارية والإقتصادية ، المجلد ( 11 ) ، العدد ( 2 )
  18. الصرن، رعد (2003): صناعة التنمية الإدارية في القرن الحادي والعشرين، الطبعة الأولى، دار الرضا للنشر: سوريا.
  19. العارف، نادية (2001) : التخطيط الاستراتيجي والعولمة، الدار الجامعية : مصر.
  20. عباس، سهيلة ( ٢٠٠٤ (، القيادة الابتكارية والأداء المتميز، عمان: دار وائل للنشر.
  21. عبد العزيز ،خالد بن سعد ،( 1997)، إدارة الجودة الشاملة، ط1، د.ن، الرياض
  22. العقيل، عبد الله، (2003)، “التخطيط الاستراتيجي”، مجلة الجزيرة الإلكترونية، العدد 11086، فبراير: السعودية.
  23. عليمات، صالح ناصر ،(2004) ادارة الجودة الشاملة في المؤسسات التربوية ، دار الشروق ، عمان ،
  24. غنيم، عثمان (2001): التخطيط أسس ومبادئ عامة، الطبعة الثانية، دار رضا للنشر والتوزيع : عمان .
  25. غنيم، محمد (2005) : التخطيط التربوي، الطبعة الأولى، دار المسيرة للنشر والتوزيع : عمان.
  26. القطامين، احمد( 2002) الإدارة الاستراتيجية ،عمان : دار مجدلاوي
  27. كيلادا، جوزيف ( 2004 )، تكامل إعادة الهندسة مع إدارة الجودة الشاملة، ترجمة سرور، سرور، الطبعة الأولى، دار المريخ : الرياض.
  28. الحياوي قاسم نايف علوان ،(2006)،إدارة الجودة في الخدمة مفاهيم وعمليات وتطبيقات،دارا لشروق،عمان،ص205
  29. موسى اللوزي ، التطوير التنظيمي ، ط 2 ، دار وائل للنشر عمان ،2003 .
  30. المرسي، جمال الدين (2003): الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية المدخل لتحقيق ميزة تنافسية لمنظمة القرن الحادي والعشرين، الدار الجامعية : مصر.
  31. المرسي، وآخرون (2002) : التفكير الاستراتيجي والإدارة الاستراتيجية منهج تطبيقي،الدار الجامعية : مصر.
  32. مصطفى، احمد سيد ( 2004) المدير العربي في عالم متغير، القاهرة: المؤلف نفسه
  33. المغربي، عبد الحميد (1999): الإدارة الاستراتيجية لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، ط1، مجموعة النيل العربية : مصر.
  34. النعيمي، جبر بن حمود بن جبر ،(2006) إمكانية إدارة الجودة الشاملة وإمكانية تطبيقها على الأجهزة الأمنية، رسالة ماجيستير غير منشورة،كلية الدراسات العليا،قسم العلوم الإدارية،جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية،الرياض ،السعودية.

المراجع باللغة الانجليزية:

  1. Bester field, Dale H. ;Bester field Michna ,Carol;Bester field,Glent – H.,Bester field-Sacre,Mary (2005). Total Quality Management 3rd.ed, Pearson education (Singapore) pte.Ltd., Indian Branch.
  2. Jack Koten, Strategic Management in Public and Nonprofit Organizations, 2nd edition. Westport, CT, USA: Greenwood Publishing Group, Inc., 1997. P: 20.
  3.  J.Richard Falshaw, Keith , W. Glaister, Ekrem Tatoglu ( 2006), evidence on formal strategic planning and  company performance, Management Decision , Vol 44, N0.1,pp 9-30
  4. Mete , B.S, ( 2004) TQM Implementation  Critical Issue  for TQM  Implementation in Higher Education , The TQM Magazine , Vol. 66 , No. 6 , pp 382-386
  5. Micheal Allison & Jude Kaye,(2005) Strategic Planning for Nonprofit Organization: A Practical Guide and Workbook, 2nd edition. NJ, USA: John Willey & Sons, Inc.,.
  6. Robbins, Stephen p & Coulter, Mary,(2005). Management, 8th.ed., Pearson Education, Inc., Upper saddle River, New Jersey, 07458.
  7. Sila ,I. and Ebrahim, P.,(2005) , Critical Linkages among TQM Factors and Business Results , International Journal of Operations and Production Management , 25 ( 11) pp 1123-1155
  1. Wheelen, T. and Hunger, J.D(2004) Strategic Management and Business Policy, 9th.ed. Prentice Hall.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة سياسة الخصوصية